2012-12-04

جنة فواكه... على تراب الكويت



المزارع ناصر العازمي حوّل مزرعته واحة لـ «القهوة والشاي والزعفران... وبما لذّ وطاب»


بين محميات موزعة بانتظام، يتنقل المزارع ناصر العازمي في كل صباح، مراقبا انتاج مزرعته المفتوحة شهيتها على كل مالذ وطاب،كاسرا احتكار الشمال والجنوب والشرق والغرب على زراعة المحاصيل الخاضعة لعوامل الطقس والتربة وندرة المياه، ليخرج كأول مزارع كويتي يحيي الارض القاحلة ويحولها واحة غناء مزهوة بعناقيد العنب وسنابل القمح لتفوح ايضا رائحة الهيل والقهوة والزعفران وفواكه متنوعة تعددت ألوانها وأشكالها... وأسماؤها ايضا.
ويتحدث العازمي لـ «الراي» باعتزاز عن تجربته الباهرة ونجاحه في زراعة القهوة والشاي والهيل والزعفران، وجميع انواع الفاكهة، كالموز والتفاح والعنب والتين، وجميع أنواع الحمضيات، والأناناس، وجوز الهند، والباشن فروت والرمان والعرموط والكرز والأفوكادو والخوخ والاكيدنا والببايا والمانجو والكثير الكثير، كل ذلك في مزرعته بالوفرة.
ويقول العازمي خلال جولة قامت بها مجموعة من الصحافيين على مزرعة والده المرحوم سالم بن فريح العازمي في منطقة الوفرة انه استطاع عبر سنوات طويلة من الجهد والتعب منذ كان طفلا أن يكسر القاعدة التي تقول لو نجحت الزراعة في الكويت لكان الأولون قاموا بذلك، فها هي ثمار طفولته باتت أشجارا على أرض الواقع.
وأضاف العازمي : «استطعت بعد طول عناء أن أثبت وأبرهن قدرة الكويت على أن تتحول الى جنة على الأرض، فالصحراء ليست عائقا أمام هذا التحول وانما لابد من ارادة ودعم لجميع الأفكار ومنحها الامكانات اللازمة للتطور».
وعن الدوافع التي دعت العازمي الى التفكير في زراعة هذه المنتجات يقول: « لقد أردت أن أؤكد للمشككين بكون الكويت صالحة للزراعة، وأن أثبت لاخواني أبناء هذا الوطن بأن أرضنا تنتج وبالامكان أن نقلبها الى جنة حقيقية كما ترون».
وبسؤاله عن كيفية زراعة القهوة بيَّن «أنه أحضر شتلات صغيرة بطول القلم لرعايتها في الكويت، وهي الآن منتجة وينوي حصدها بعد اكتمال النضوج، بالاضافة الى كمية من أوراق الشاي الأخضر الصيني (الكويتي)، وبعض شتلات الهيل وشتلات الشاي وسيقوم باهدائها الى سمو الأمير».
وعن أبرز الصعوبات التي اعترضت عملية الوصول الى هذه النتائج وخصوصا في ما يتعلق بجو الكويت الصحراوي أفاد العازمي بأنه تجاوز كل العوائق بالصبر والمثابرة، وقال: لقد قمت بالعديد من التجارب على القهوة حتى تأقلمت مع جو الكويت والأمر بحاجة الى رعاية بسيطة، وقد نجحت في زراعتها، بالاضافة الى دراسة امكانية زراعتها على مدار العام مع معرفة الجدوى الاقتصادية لهذا المنتج.
وعن تأثير الحرارة استطرد العازمي: «نحن نواجه المشكلة في فصل الصيف فقط، ولله الحمد تغلبنا عليها من خلال شبرات التبريد، مشيرا الى أنه قام أيضا بالعديد من التجارب واكتشف أن التربة في الكويت ممتازة بالنسبة للنباتات؛ لأنها شديدة الصرف، ولا تترسب المياه فيها، ما يسبب تعفن الجذور، كما أن الأسمدة متوافرة ومنها الأسمدة العضوية والكيماوية».
ويؤكد: «أن الفكرة جديدة وهي كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي للكويت سواء في شجر البن أو الشاي أو الهيل، والشاي الأخضر الصيني تحديدا، وعندنا في الكويت امكانات لاختصار الوقت، واحضار شتلات من خارج الكويت، ورعايتها بطريقة مناسبة وتقديم الدراسات بهدف كسب الوقت».
وفي ما يتعلق بزراعة الحمضيات يشير العازمي الى أن «زراعتها في الكويت ستكون أفضل من الدول الخارجية، ويكفي أنها طازجة، والسبب أنها تنتج سنويا لمرة واحدة في الدول الخارجية، أما في الكويت ومن خلال شبرات التبريد يمكن أن نحصل على الانتاج على مدار السنة، مستشهدا بوجود أزهار وعقد تكوين للثمرة، مع تدرج الأحجام حتى نضوج الثمرة، خصوصا الليمون بأصنافه، حيث قام بزراعته منذ 3 سنوات وحتى هذه اللحظة لم يتوقف الانتاج».
وبسؤاله عن فقدان الحمضيات لقيمتها الغذائية من خلال الانتاج لأكثر من مرة في العام بسبب الأضرار التي تتسبب بها الأسمدة يؤكد أن «هذا غير صحيح فالجودة ممتازة جدا، والطعم لا يختلف وهو رائع، أما القيمة الغذائية فيمكن معرفتها من خلال المختبرات المتخصصة، موضحا أن الأسمدة الكيماوية لا تضر الشجرة اذا لم يكن عليها ثمر، وحتى ان كان عليها ثمر فبالامكان وضع الأسمدة في المعدل الطبيعي المتعارف عليه وضمن الحد المسموح به، أو الاعتماد بالكامل على الأسمدة الطبيعية العضوية».
وويستطرد العازمي في الحديث عن المزروعات التي استطاع زراعتها في مزرعته الخاصة : «لقد قمت بزراعة العنب الأحمر والأبيض بأحجامه كلها، وكما ترون لدي سقيفة وعريشة عنب من العناقيد الرائعة في الشكل والطعم والقيمة الغذائية، كما أن المزرعة عامرة بالليمون والبرتقال والتفاح والموز المشهور بأنواعه المختلفة فهو الذي يقال عنه انه ذباح أمه،(لان شجرة الموز تنتج مرة واحدة في حياتها ) حيث هناك أنواع متنوعة منه كالموز الذي نأكله والموز الاحمر وموز الطبخ كالقرع اوالبطاط».
وبخصوص البخور فقد بين انه أخذ وعدا من احدى السفارات الآسيوية لاستجلاب شتلات البخور حيث انه في الاعتقاد العام أنها بحاجة الى عشرات السنين، ولكن من خلال البحث اتضح أنه خلال فترة مابين خمس وسبع سنوات يمكنها انتاج البخور، ما لا يمنع من انتاجها في دولة الكويت،وأعتقد أن الظروف ملائمة لذلك».
وكشف عن أن مشروعه المقبل سيذهل جميع أهل الكويت بل دول العالم قاطبة وهو زراعة شجر البخور وشجر الكاكاو والشتلات في طريقها للوصول، بالاضافة الى الأرز البسمتي ولدي بذوره الان، وسيكون بدء هذه الانطلاقة في شهر فبراير المقبل.
وبعد الجولة سألنا العازمي عن الأفكار المستقبلية التي يفكر في انجازها على أرض الكويت، فقال حقيقة لدي فكرتان مهمتان للغاية، وهما ستمثلان طفرة زراعية في الكويت كلها، وستكون الكويت على خارطة الدول السياحية خلال فترات قليلة جدا، بالاضافة الى تغيير النظرة العالمية حول الكويت بأنها دولة صحراوية ليس فيها شجر وليست أرضا صالحة للزراعة.
وبين أن الفكرة الاولى تقوم على اطلاق مشروع الغابة الوطنية، وتوافر مقومات انشائها على أرض الكويت، ولو سئلت هل هذه الفكرة ممكنة من دون أي تكلفة تتحملها الدولة، أقول نعم، وأنا أتعهد بذلك ولكنني بحاجة الى الدعم من خلال تخصيص قطعة أرض كبيرة لهذا المشروع الحيوي.
وأكد أنه يتحدث من خلال العلم والتجربة ولا يتحدث من وحي الخيال، وان فشلت التجربة وهذا مستبعد فلن تخسر الدولة فلسا واحدا، ولكنني أؤكد أن التجربة ستنجح باذن الله، وسأقوم باعادتها الى الهيئة العامة للزراعة غابة حقيقية، «وأتعهد بعد تسليمها بألا أملك منها مترا مربعا»، وسأضعها تحت تصرف الدولة اهداء مني لوطني الغالي.
وذكر العازمي أن «الهدف من وراء المشروع ان الكويت ليست فيها أي غابة، وهي تفتقر الى هذه المساحة الرائعة من الخضرة، كما ستكون متنفسا ومكانا لتنزه الشعب الكويتي والقاطنين على ارض هذا الوطن، فهناك من ليست لديه القدرة على السفر الى دول فيها غابات وأماكن للاصطياف فبامكانه أن يصطاف في الكويت ويجلس تحت ظلال وأوراق الأشجار».
وبسؤاله عن طرق الصرف والانفاق على الغابة يقول: «ان هذا الأمر لم يغب عن بالي، فالغابة ستكون مقرا لانتاج العسل و الكثير من الانتاج، ما يعني أنها ستكتفي ذاتيا، بالاضافة الى أنواع ممتازة جدا من السدر».
وعن الأشجار التي سيقوم بزراعتها أكد أنه سيقوم بتشجيرها بعدة أصناف رئيسية أهمها الاثل والنخل والصفصاف والكين، بحيث تتم سقاية هذه الأصناف لفترة محدودة وبعد ذلك تتوقف السقاية وتكمل الاشجار نموها.
ويتحدث عن قيامه بزراعة أشجار غير رئيسية، حيث سيضع أشجارا تتأقلم مع جو الكويت، خصوصا تلك التي تنتج روائح زكية في الليل والنهار، مثل ملكة الليل وملكة النهار، اضافة الى أنواع أخرى، وستكون في هذه الغابة حياة فطرية متكاملة،اضافة الى انتشار الأرانب البرية وكل ما يتأقلم مع جو الكويت من حيوانات وطيور رائعة.
ويشير الى أن «الغابة ستسهم أيضا في تلطيف الجو داخل الكويت، لما تكتنزه الأشجار من رطوبة عالية، وقدرة استثنائية على سحب غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وضخ الأوكسجين خلال ساعات النهار».
ويوضح العازمي أن مشروعه الثاني يتضمن تشجير جزيرة كبر، وهي لا تختلف كثيرا عن الفكرة التي طرحتها عن الغابة، ولكن ما يميز الجزيرة أنها تحتاج الى شجر المنغروف مع شتلات يمكن استجلابها من خارج دولة الكويت، وتوطينها في هذه الجزيرة الرائعة.
ويبين أن الجزيرة ستغدو مقصدا سياحيا مهما في الكويت، فكل الكويتيون من أهل البحر يقصدون كبر في عطلة نهاية الأسبوع، بالاضافة الى ذلك سنقوم أيضا بزراعة شجرة نخيل الزينة «الواشنطونيا» في ارتفاعات طويلة على مدار الجزيرة لتمنحها منظرا مبهرا.
وفي ما يتعلق بالدعم الذي تلقاه العازمي لأفكاره يقول: «لقد أبدى بعض المتبرعين استعدادهم للتبرع بمكائن لتحلية مياه البحر وتخضير الجزيرة وبعض الشباب بالمساعدة بقواربهم بالنقل، ولكن اشترطوا موافقة الجهات المعنية وتبني الدولة لهذا المشروع الرائد، وأنا أناشد سيدي صاحب السمو الأمير أن يسمح لنا ولأبناء الوطن البررة ويمنحنا الضوء الأخضر لتحقيق هذا الحلم الكبير الذي سيرفع اسم الوطن عاليا، وألا نواجه أية عوائق خلال مراحل انشاء هذا المشروع الوطني الرائع».
وفي ختام الجولة التي تميزت بكرم الضيافة وحسن الاستقبال للفريق الصحافي شكر العازمي الفريق على حضوره ومتابعته للواقع الزراعي والأشياء المميزة في هذا القطاع، متمنيا أن تقوم الشيخة أمثال الاحمد بزيارة المزرعة والاطلاع بنفسها على ما قامت به العقول الكويتية وما نتج من ثمار تفوق التوقعات.


في كلمته بورشة عمل حول «نظام الحمى والتنمية المستدامة»

المطيري: نسعى إلى تحويل 17 في المئة
من مساحة الكويت إلى محميات طبيعية

كتب هاني شاكر
كشف مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور ناجي المطيري أن الكويت تخطط لاقامة خمسة مواقع جديدة للوصول باجمالي الأراضي المحمية الى 17 في المئة من مساحة الكويت، علما بأن المساحة المحمية في الوقت الحالي تخطت نسبة الـ 10 في المئه من المساحة الكلية للدولة.
وقال المطيري في كلمته أمس نائبا عن وزير المالية ووزير التربية والتعليم العالي بالوكالة الدكتور نايف فلاح الحجرف خلال ورشة عمل بعنوان « نظام الحمى... تنمية مستدامة ونظام محكم» التي ينظمها معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع «جامعة الأمم المتحدة» ومعهد نيوكاسل لبحوث الاستدامة البيئية ومنتدى غرب آسيا وشمال افريقيا ان تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الجافة يتطلب بشكل أساسي النهوض ببرامج الادارة الكاملة للنظم البيئية وتحقيق الادارة الرشيدة للموارد الطبيعية والوصول الى توازن فعال بين طموحات التنمية ومتطلبات الحفاظ على البيئة، أو ما يعرف بـ «الاقتصاد الأخضر».
وأكد ضرورة التعامل مع التغيرات المنَاخية والتأقلم مع الجفاف وصيانة التنوع البيولوجي ومكافحة التصحر، مايستوجب اعداد خطط استراتيجية وبرامج تنفيذية ترتكز على الخبرات والمعارف المكتسبة والتقنيات الحديثة ونظم المعلومات المتطورة.
وذكر أنه تم وضع ثلاثة مخططات بيئية في الكويت شملت قوانين وتنظيمات تتعلق بملكية الأراضي وتصنيفها واستخداماتها، وذلك خلال الأعوام 1952 و1971 و1996 وحدد التقسيم الاداري 13 محمية طبيعية، و 6 مناطق ترفيهية، ومنتزهين صحراويين كمحميتين طبيعيتين.
وبين أن الكويت تضم في الوقت الحالي 5 محميات تتصدرها محمية صباح الأحمد الطبيعية التي وُضِعتْ على قائمة الأولويات سواء على المستوى الوطني أو في اهتمامات معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي قام بدراسة علمية أوصت بانشاء هذه المحمية وساهم بجَهدِ علمي رصين في تشييدها لتجمع بشكل فريد بين البيئتين الصحراوية والساحلية.
وأشار الى أن اطلاق اسم سمو الأمير على هذه المحمية انعكاس لاهتمام سموه بالبيئة وهي تعتبر كبرى المحميات في الكويت اذ تمتد على مساحة 330 كيلو متراً مربعاً،وتشمل تضاريس جيولوجية ومنخفضات ضحلة وأجرافا ووديانا وكثبانا رملية وسهولاً منبسطة تشكل بيئات طبيعية لكثير من أنواع النباتات والحيوانات البرية وتمثل عاملاً مهماً من عوامل شفاء الطبيعة.
ولفت الى أن المعهد ينفذ حالياً برنامجاً للتنوع البيولوجي للنظم البيئية الصحراوية، وذلك في اطار خطته الاستراتيجية السابعة (2015-2010)، ويركز البرنامج على فهم وتحديد المؤشرات الحيوية لظاهرة التصحر، كما يسعى الى بناء قاعدة معلومات مرتبطة بالتنوع البيولوجي، علاوة على استثمار الفرص المتاحة لاستعادة التنوع البيولوجي وحمايته في البلاد.
ومن جانبه، تمني الرئيس التنفيذي لمنتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا الدكتورة سامية كباريتي أن تسهم المفاهيم المختلفة التي يناقشها الخبراء المجتمعون اليوم بخلق حلول فعالة ومهمة، للقضايا البيئية الأكثر الحاحا والتي تواجه دول منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.
وأشار الى أن السائد حاليا أن القضايا السياسية والأمنية تتصدر النقاشات العامة، بينما القضايا البيئية وقضايا ندرة المياه تحصل على أقل الاهتمام على الرغم من الأولويات الأخرى المنافسة في أهميتها، الا أن الوقت لا يسمح للتراخي في موضوع الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والطاقة.
وشدد على ضرورة علاج قضايا التلوث الهوائي، والنفايات وحماية الأراضي، بطريقة مقنعة و جاذبة. وضرورة تقليل معدلات الفقر والانماء الاقتصادي لمعالجة قضية ندرة موارد المياه.
وبدوره دعا رئيس البرنامج الاقليمي في جامعة الأمم المتحدة «معهد الصحة والمياه والبيئة» الدكتور وليد صالح الى ضرورة المعرفة العميقة بقوانين وسياسات ادارة الموارد الطبيعية التي تتعلق بمجتمعات الشعوب الأصلية والمحلية.
ومن جانبه، قال مدير ادارة موارد الغذاء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور سمير عمر عاصم أن الطبيعة لا تقدر بثمن، ومنذ بداية الزمن وهي تمنحنا الحياة مجانا ويتم ارشادنا لاستغلال مواردنا الطبيعية بحكمة من خلال مكتسباتنا من أجل مواصلة الحياة على هذه الأرض.

تشكيلة من الخضراوات والفواكه الكويتية 	(تصوير كرم ذياب)

زراعة محمية

الشاي الأخضر

العازمي يحمل قرعا بوزن 30 كيلوغراما

سالم العازمي والزميل ناصر الفرحان

... وأمام إحدى الأشجار النادرة

افندي صيني

زراعة الهيل في الكويت





اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي

جنة فواكه... على تراب الكويت



المزارع ناصر العازمي حوّل مزرعته واحة لـ «القهوة والشاي والزعفران... وبما لذّ وطاب»


بين محميات موزعة بانتظام، يتنقل المزارع ناصر العازمي في كل صباح، مراقبا انتاج مزرعته المفتوحة شهيتها على كل مالذ وطاب،كاسرا احتكار الشمال والجنوب والشرق والغرب على زراعة المحاصيل الخاضعة لعوامل الطقس والتربة وندرة المياه، ليخرج كأول مزارع كويتي يحيي الارض القاحلة ويحولها واحة غناء مزهوة بعناقيد العنب وسنابل القمح لتفوح ايضا رائحة الهيل والقهوة والزعفران وفواكه متنوعة تعددت ألوانها وأشكالها... وأسماؤها ايضا.
ويتحدث العازمي لـ «الراي» باعتزاز عن تجربته الباهرة ونجاحه في زراعة القهوة والشاي والهيل والزعفران، وجميع انواع الفاكهة، كالموز والتفاح والعنب والتين، وجميع أنواع الحمضيات، والأناناس، وجوز الهند، والباشن فروت والرمان والعرموط والكرز والأفوكادو والخوخ والاكيدنا والببايا والمانجو والكثير الكثير، كل ذلك في مزرعته بالوفرة.
ويقول العازمي خلال جولة قامت بها مجموعة من الصحافيين على مزرعة والده المرحوم سالم بن فريح العازمي في منطقة الوفرة انه استطاع عبر سنوات طويلة من الجهد والتعب منذ كان طفلا أن يكسر القاعدة التي تقول لو نجحت الزراعة في الكويت لكان الأولون قاموا بذلك، فها هي ثمار طفولته باتت أشجارا على أرض الواقع.
وأضاف العازمي : «استطعت بعد طول عناء أن أثبت وأبرهن قدرة الكويت على أن تتحول الى جنة على الأرض، فالصحراء ليست عائقا أمام هذا التحول وانما لابد من ارادة ودعم لجميع الأفكار ومنحها الامكانات اللازمة للتطور».
وعن الدوافع التي دعت العازمي الى التفكير في زراعة هذه المنتجات يقول: « لقد أردت أن أؤكد للمشككين بكون الكويت صالحة للزراعة، وأن أثبت لاخواني أبناء هذا الوطن بأن أرضنا تنتج وبالامكان أن نقلبها الى جنة حقيقية كما ترون».
وبسؤاله عن كيفية زراعة القهوة بيَّن «أنه أحضر شتلات صغيرة بطول القلم لرعايتها في الكويت، وهي الآن منتجة وينوي حصدها بعد اكتمال النضوج، بالاضافة الى كمية من أوراق الشاي الأخضر الصيني (الكويتي)، وبعض شتلات الهيل وشتلات الشاي وسيقوم باهدائها الى سمو الأمير».
وعن أبرز الصعوبات التي اعترضت عملية الوصول الى هذه النتائج وخصوصا في ما يتعلق بجو الكويت الصحراوي أفاد العازمي بأنه تجاوز كل العوائق بالصبر والمثابرة، وقال: لقد قمت بالعديد من التجارب على القهوة حتى تأقلمت مع جو الكويت والأمر بحاجة الى رعاية بسيطة، وقد نجحت في زراعتها، بالاضافة الى دراسة امكانية زراعتها على مدار العام مع معرفة الجدوى الاقتصادية لهذا المنتج.
وعن تأثير الحرارة استطرد العازمي: «نحن نواجه المشكلة في فصل الصيف فقط، ولله الحمد تغلبنا عليها من خلال شبرات التبريد، مشيرا الى أنه قام أيضا بالعديد من التجارب واكتشف أن التربة في الكويت ممتازة بالنسبة للنباتات؛ لأنها شديدة الصرف، ولا تترسب المياه فيها، ما يسبب تعفن الجذور، كما أن الأسمدة متوافرة ومنها الأسمدة العضوية والكيماوية».
ويؤكد: «أن الفكرة جديدة وهي كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي للكويت سواء في شجر البن أو الشاي أو الهيل، والشاي الأخضر الصيني تحديدا، وعندنا في الكويت امكانات لاختصار الوقت، واحضار شتلات من خارج الكويت، ورعايتها بطريقة مناسبة وتقديم الدراسات بهدف كسب الوقت».
وفي ما يتعلق بزراعة الحمضيات يشير العازمي الى أن «زراعتها في الكويت ستكون أفضل من الدول الخارجية، ويكفي أنها طازجة، والسبب أنها تنتج سنويا لمرة واحدة في الدول الخارجية، أما في الكويت ومن خلال شبرات التبريد يمكن أن نحصل على الانتاج على مدار السنة، مستشهدا بوجود أزهار وعقد تكوين للثمرة، مع تدرج الأحجام حتى نضوج الثمرة، خصوصا الليمون بأصنافه، حيث قام بزراعته منذ 3 سنوات وحتى هذه اللحظة لم يتوقف الانتاج».
وبسؤاله عن فقدان الحمضيات لقيمتها الغذائية من خلال الانتاج لأكثر من مرة في العام بسبب الأضرار التي تتسبب بها الأسمدة يؤكد أن «هذا غير صحيح فالجودة ممتازة جدا، والطعم لا يختلف وهو رائع، أما القيمة الغذائية فيمكن معرفتها من خلال المختبرات المتخصصة، موضحا أن الأسمدة الكيماوية لا تضر الشجرة اذا لم يكن عليها ثمر، وحتى ان كان عليها ثمر فبالامكان وضع الأسمدة في المعدل الطبيعي المتعارف عليه وضمن الحد المسموح به، أو الاعتماد بالكامل على الأسمدة الطبيعية العضوية».
وويستطرد العازمي في الحديث عن المزروعات التي استطاع زراعتها في مزرعته الخاصة : «لقد قمت بزراعة العنب الأحمر والأبيض بأحجامه كلها، وكما ترون لدي سقيفة وعريشة عنب من العناقيد الرائعة في الشكل والطعم والقيمة الغذائية، كما أن المزرعة عامرة بالليمون والبرتقال والتفاح والموز المشهور بأنواعه المختلفة فهو الذي يقال عنه انه ذباح أمه،(لان شجرة الموز تنتج مرة واحدة في حياتها ) حيث هناك أنواع متنوعة منه كالموز الذي نأكله والموز الاحمر وموز الطبخ كالقرع اوالبطاط».
وبخصوص البخور فقد بين انه أخذ وعدا من احدى السفارات الآسيوية لاستجلاب شتلات البخور حيث انه في الاعتقاد العام أنها بحاجة الى عشرات السنين، ولكن من خلال البحث اتضح أنه خلال فترة مابين خمس وسبع سنوات يمكنها انتاج البخور، ما لا يمنع من انتاجها في دولة الكويت،وأعتقد أن الظروف ملائمة لذلك».
وكشف عن أن مشروعه المقبل سيذهل جميع أهل الكويت بل دول العالم قاطبة وهو زراعة شجر البخور وشجر الكاكاو والشتلات في طريقها للوصول، بالاضافة الى الأرز البسمتي ولدي بذوره الان، وسيكون بدء هذه الانطلاقة في شهر فبراير المقبل.
وبعد الجولة سألنا العازمي عن الأفكار المستقبلية التي يفكر في انجازها على أرض الكويت، فقال حقيقة لدي فكرتان مهمتان للغاية، وهما ستمثلان طفرة زراعية في الكويت كلها، وستكون الكويت على خارطة الدول السياحية خلال فترات قليلة جدا، بالاضافة الى تغيير النظرة العالمية حول الكويت بأنها دولة صحراوية ليس فيها شجر وليست أرضا صالحة للزراعة.
وبين أن الفكرة الاولى تقوم على اطلاق مشروع الغابة الوطنية، وتوافر مقومات انشائها على أرض الكويت، ولو سئلت هل هذه الفكرة ممكنة من دون أي تكلفة تتحملها الدولة، أقول نعم، وأنا أتعهد بذلك ولكنني بحاجة الى الدعم من خلال تخصيص قطعة أرض كبيرة لهذا المشروع الحيوي.
وأكد أنه يتحدث من خلال العلم والتجربة ولا يتحدث من وحي الخيال، وان فشلت التجربة وهذا مستبعد فلن تخسر الدولة فلسا واحدا، ولكنني أؤكد أن التجربة ستنجح باذن الله، وسأقوم باعادتها الى الهيئة العامة للزراعة غابة حقيقية، «وأتعهد بعد تسليمها بألا أملك منها مترا مربعا»، وسأضعها تحت تصرف الدولة اهداء مني لوطني الغالي.
وذكر العازمي أن «الهدف من وراء المشروع ان الكويت ليست فيها أي غابة، وهي تفتقر الى هذه المساحة الرائعة من الخضرة، كما ستكون متنفسا ومكانا لتنزه الشعب الكويتي والقاطنين على ارض هذا الوطن، فهناك من ليست لديه القدرة على السفر الى دول فيها غابات وأماكن للاصطياف فبامكانه أن يصطاف في الكويت ويجلس تحت ظلال وأوراق الأشجار».
وبسؤاله عن طرق الصرف والانفاق على الغابة يقول: «ان هذا الأمر لم يغب عن بالي، فالغابة ستكون مقرا لانتاج العسل و الكثير من الانتاج، ما يعني أنها ستكتفي ذاتيا، بالاضافة الى أنواع ممتازة جدا من السدر».
وعن الأشجار التي سيقوم بزراعتها أكد أنه سيقوم بتشجيرها بعدة أصناف رئيسية أهمها الاثل والنخل والصفصاف والكين، بحيث تتم سقاية هذه الأصناف لفترة محدودة وبعد ذلك تتوقف السقاية وتكمل الاشجار نموها.
ويتحدث عن قيامه بزراعة أشجار غير رئيسية، حيث سيضع أشجارا تتأقلم مع جو الكويت، خصوصا تلك التي تنتج روائح زكية في الليل والنهار، مثل ملكة الليل وملكة النهار، اضافة الى أنواع أخرى، وستكون في هذه الغابة حياة فطرية متكاملة،اضافة الى انتشار الأرانب البرية وكل ما يتأقلم مع جو الكويت من حيوانات وطيور رائعة.
ويشير الى أن «الغابة ستسهم أيضا في تلطيف الجو داخل الكويت، لما تكتنزه الأشجار من رطوبة عالية، وقدرة استثنائية على سحب غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وضخ الأوكسجين خلال ساعات النهار».
ويوضح العازمي أن مشروعه الثاني يتضمن تشجير جزيرة كبر، وهي لا تختلف كثيرا عن الفكرة التي طرحتها عن الغابة، ولكن ما يميز الجزيرة أنها تحتاج الى شجر المنغروف مع شتلات يمكن استجلابها من خارج دولة الكويت، وتوطينها في هذه الجزيرة الرائعة.
ويبين أن الجزيرة ستغدو مقصدا سياحيا مهما في الكويت، فكل الكويتيون من أهل البحر يقصدون كبر في عطلة نهاية الأسبوع، بالاضافة الى ذلك سنقوم أيضا بزراعة شجرة نخيل الزينة «الواشنطونيا» في ارتفاعات طويلة على مدار الجزيرة لتمنحها منظرا مبهرا.
وفي ما يتعلق بالدعم الذي تلقاه العازمي لأفكاره يقول: «لقد أبدى بعض المتبرعين استعدادهم للتبرع بمكائن لتحلية مياه البحر وتخضير الجزيرة وبعض الشباب بالمساعدة بقواربهم بالنقل، ولكن اشترطوا موافقة الجهات المعنية وتبني الدولة لهذا المشروع الرائد، وأنا أناشد سيدي صاحب السمو الأمير أن يسمح لنا ولأبناء الوطن البررة ويمنحنا الضوء الأخضر لتحقيق هذا الحلم الكبير الذي سيرفع اسم الوطن عاليا، وألا نواجه أية عوائق خلال مراحل انشاء هذا المشروع الوطني الرائع».
وفي ختام الجولة التي تميزت بكرم الضيافة وحسن الاستقبال للفريق الصحافي شكر العازمي الفريق على حضوره ومتابعته للواقع الزراعي والأشياء المميزة في هذا القطاع، متمنيا أن تقوم الشيخة أمثال الاحمد بزيارة المزرعة والاطلاع بنفسها على ما قامت به العقول الكويتية وما نتج من ثمار تفوق التوقعات.


في كلمته بورشة عمل حول «نظام الحمى والتنمية المستدامة»

المطيري: نسعى إلى تحويل 17 في المئة
من مساحة الكويت إلى محميات طبيعية

كتب هاني شاكر
كشف مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور ناجي المطيري أن الكويت تخطط لاقامة خمسة مواقع جديدة للوصول باجمالي الأراضي المحمية الى 17 في المئة من مساحة الكويت، علما بأن المساحة المحمية في الوقت الحالي تخطت نسبة الـ 10 في المئه من المساحة الكلية للدولة.
وقال المطيري في كلمته أمس نائبا عن وزير المالية ووزير التربية والتعليم العالي بالوكالة الدكتور نايف فلاح الحجرف خلال ورشة عمل بعنوان « نظام الحمى... تنمية مستدامة ونظام محكم» التي ينظمها معهد الكويت للأبحاث العلمية بالتعاون مع «جامعة الأمم المتحدة» ومعهد نيوكاسل لبحوث الاستدامة البيئية ومنتدى غرب آسيا وشمال افريقيا ان تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الجافة يتطلب بشكل أساسي النهوض ببرامج الادارة الكاملة للنظم البيئية وتحقيق الادارة الرشيدة للموارد الطبيعية والوصول الى توازن فعال بين طموحات التنمية ومتطلبات الحفاظ على البيئة، أو ما يعرف بـ «الاقتصاد الأخضر».
وأكد ضرورة التعامل مع التغيرات المنَاخية والتأقلم مع الجفاف وصيانة التنوع البيولوجي ومكافحة التصحر، مايستوجب اعداد خطط استراتيجية وبرامج تنفيذية ترتكز على الخبرات والمعارف المكتسبة والتقنيات الحديثة ونظم المعلومات المتطورة.
وذكر أنه تم وضع ثلاثة مخططات بيئية في الكويت شملت قوانين وتنظيمات تتعلق بملكية الأراضي وتصنيفها واستخداماتها، وذلك خلال الأعوام 1952 و1971 و1996 وحدد التقسيم الاداري 13 محمية طبيعية، و 6 مناطق ترفيهية، ومنتزهين صحراويين كمحميتين طبيعيتين.
وبين أن الكويت تضم في الوقت الحالي 5 محميات تتصدرها محمية صباح الأحمد الطبيعية التي وُضِعتْ على قائمة الأولويات سواء على المستوى الوطني أو في اهتمامات معهد الكويت للأبحاث العلمية الذي قام بدراسة علمية أوصت بانشاء هذه المحمية وساهم بجَهدِ علمي رصين في تشييدها لتجمع بشكل فريد بين البيئتين الصحراوية والساحلية.
وأشار الى أن اطلاق اسم سمو الأمير على هذه المحمية انعكاس لاهتمام سموه بالبيئة وهي تعتبر كبرى المحميات في الكويت اذ تمتد على مساحة 330 كيلو متراً مربعاً،وتشمل تضاريس جيولوجية ومنخفضات ضحلة وأجرافا ووديانا وكثبانا رملية وسهولاً منبسطة تشكل بيئات طبيعية لكثير من أنواع النباتات والحيوانات البرية وتمثل عاملاً مهماً من عوامل شفاء الطبيعة.
ولفت الى أن المعهد ينفذ حالياً برنامجاً للتنوع البيولوجي للنظم البيئية الصحراوية، وذلك في اطار خطته الاستراتيجية السابعة (2015-2010)، ويركز البرنامج على فهم وتحديد المؤشرات الحيوية لظاهرة التصحر، كما يسعى الى بناء قاعدة معلومات مرتبطة بالتنوع البيولوجي، علاوة على استثمار الفرص المتاحة لاستعادة التنوع البيولوجي وحمايته في البلاد.
ومن جانبه، تمني الرئيس التنفيذي لمنتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا الدكتورة سامية كباريتي أن تسهم المفاهيم المختلفة التي يناقشها الخبراء المجتمعون اليوم بخلق حلول فعالة ومهمة، للقضايا البيئية الأكثر الحاحا والتي تواجه دول منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا.
وأشار الى أن السائد حاليا أن القضايا السياسية والأمنية تتصدر النقاشات العامة، بينما القضايا البيئية وقضايا ندرة المياه تحصل على أقل الاهتمام على الرغم من الأولويات الأخرى المنافسة في أهميتها، الا أن الوقت لا يسمح للتراخي في موضوع الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والطاقة.
وشدد على ضرورة علاج قضايا التلوث الهوائي، والنفايات وحماية الأراضي، بطريقة مقنعة و جاذبة. وضرورة تقليل معدلات الفقر والانماء الاقتصادي لمعالجة قضية ندرة موارد المياه.
وبدوره دعا رئيس البرنامج الاقليمي في جامعة الأمم المتحدة «معهد الصحة والمياه والبيئة» الدكتور وليد صالح الى ضرورة المعرفة العميقة بقوانين وسياسات ادارة الموارد الطبيعية التي تتعلق بمجتمعات الشعوب الأصلية والمحلية.
ومن جانبه، قال مدير ادارة موارد الغذاء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور سمير عمر عاصم أن الطبيعة لا تقدر بثمن، ومنذ بداية الزمن وهي تمنحنا الحياة مجانا ويتم ارشادنا لاستغلال مواردنا الطبيعية بحكمة من خلال مكتسباتنا من أجل مواصلة الحياة على هذه الأرض.

تشكيلة من الخضراوات والفواكه الكويتية 	(تصوير كرم ذياب)

زراعة محمية

الشاي الأخضر

العازمي يحمل قرعا بوزن 30 كيلوغراما

سالم العازمي والزميل ناصر الفرحان

... وأمام إحدى الأشجار النادرة

افندي صيني

زراعة الهيل في الكويت





إرسال تعليق